الكتاب : دروس للشيخ محمد ناصر الدين الألباني
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى : 1420هـ)
مصدر الكتاب : دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية
http://www.islamweb.net[الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 46 درسا]
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
حكم الطواف بدون وضوء
السؤال
هل يصح الطواف بدون وضوء؟ أو إذا توضأ ثم أحدث حدثاً أصغر أثناء الطواف فهل يبطل طوافه ويلزمه تجديد الوضوء؟
الجواب
هذه مسألة خلافية، والراجح أنه لابد من الطهارة، أولاً بدليل حديث عائشة السابق: (افعلي ما يفعل الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت ولا تصلي) ثانياً: قوله عليه الصلاة والسلام: (الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله تبارك وتعالى أحل لكم فيه الكلام فلا تكثروا فيه من الكلام) ، فعندما قال: الطواف بالبيت صلاة، هذا التشبيه يقتضي إيجاد الطهارة، فيكون هذا الحديث مدعماً لحديث عائشة، وحديث عائشة مدعماً له، من حيث أن كلاً منهما يوجب الطهارة للطواف بالكعبة.
تفسير قوله تعالى: (فلا جناح عليه أن يطوف بهما)
السؤال
قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:158] ما معنى (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) في الآية الكريمة؟
الجواب
هذه الآية استشكلها عروة بن الزبير حين قال ذات يوم للسيدة عائشة: [ما أرى إلا أن الرجل إذا حج وما طاف بالبيت ولا سعى بين الصفا والمروة إلا أن حجه صحيح، قالت له عائشة: ولم ذلك؟ فتلى هذه الآية: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:158] فقالت له السيدة عائشة: لو كان الأمر كما تقول لكانت الآية: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما] فبينت رضي الله عنها القضية بياناً شافياً، فقالت ما خلاصته: أن هذه الآية نزلت بعد ما آمن الصحابة وأسلموا وعرفوا الإسلام، فصاروا يبتعدون عن جاهليتهم السابقة، حيث كانوا قبل الإسلام إذا جاءوا عند الكعبة وطافوا بين الصفا والمروة، كانوا يهلون لطاغوت من طواغيتهم هناك، ولصنم من أصنامهم، فلما هداهم الله تبارك وتعالى بالتوحيد والإسلام ترفعوا أن يضلوا، وأن يلبوا بالتلبية عند الكعبة وبين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا يعبدون هناك ذلك الصنم، فوجدوا أن من المناسب لتوحيدهم وإيمانهم بالله ألا يعودوا فيطوفوا في المكان الذي كانوا يهلون ويلبون فيه باسم الطاغوت سابقاً، فكانوا يتخوفون، فأنزل الله هذه الآية.
فالآية نزلت لرفع الحرج الذي صار في نفوسهم، لا ليبين لهم أنهم ليس عليهم شيء؛ فهو يقول: الطواف أمرتكم به، ولا حرج عليكم أن تطوفوا؛ لأنكم كنتم سابقاً تطوفون هناك وتهلون باسم الصنم، فمادام أنكم كفرتم بهذا الصنم وآمنتم بالله وحده لا شريك له، فلا جناح عليكم أن تطوفوا الآن بالبيت العتيق.
ولذلك أكد هذا الأمر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كتب الله عليكم السعي فاسعوا) ، أي: فرض الله عليكم السعي فاسعوا.